تقارير حصرية

شهادات تكشف: مساعدات غزة بوابة لتهريب السجائر والهواتف

  • المجموعات الأخرى : ما وراء الخبر, الأخبار العاجلة
شهادات تكشف: مساعدات غزة بوابة لتهريب السجائر والهواتف

في غزة، حيث الحاجة تسبق الغبار في الشوارع، كانت الشاحنات المحملة بشعارات الإغاثة تمرّ ببطء عبر خطوط النار. لكنها لم تكن تحمل دومًا ما وعدت به اللافتات البيضاء.
خلف الأغطية البلاستيكية، وفي زوايا الصناديق المغلقة، كانت هناك حكايات أخرى... حكايات عن صناديق قُدّر لها أن تصل محملة بالسجائر والهواتف المحمولة بدل أكياس الطحين وحليب الأطفال.

هذا التحقيق يتتبع خيط استغلال محدود لبعض شحنات الإغاثة خلال الأشهر الأولى للحرب على غزة. موظفون يعملون في منظمات إغاثية كشفوا أن بضائع ذات قيمة مرتفعة تم تهريبها ضمن شحنات المساعدات، وسط غياب رقابة حقيقية. بعضهم تحدث عن توجيهات غير رسمية كانوا يتلقونها بتمرير بضائع شخصية ضمن الطرود الجماعية، فيما أشار آخرون إلى أن شحنات كاملة خُفف وزنها عمدًا لإفساح المجال لبضائع مربحة يسهل بيعها لاحقًا.

شهادات أخرى أكدت أن جزءًا من المساعدات الغذائية، المخصصة أساسًا للعائلات المنكوبة، كانت تجد طريقها إلى الأسواق المحلية، حيث يعاد بيعها بأسعار مرتفعة.
وبينما كانت الأسماء والشعارات الكبيرة للمنظمات تبقى نظيفة على الورق، كان التنفيذ الميداني يشهد انحرافات على يد قلة من الموظفين والوسطاء.

رصد التحقيق وجود ما يشبه الشبكة الصغيرة غير الرسمية، تعمل على استغلال الفوضى والضغط الإنساني، عبر تهريب سلع ثمينة واستخدام وسائل نقل الإغاثة كغطاء لعبور البضائع.
وفي بعض الحالات، كان يتم تعطيل وصول الشحنات ليوم أو أكثر، لإتاحة الفرصة لإعادة ترتيب محتوياتها قبل تسليمها في نقاط التوزيع الرسمية.

لم تكن الممارسات منظمة بحجم كبير أو تغطي معظم عمليات الإغاثة، بل بقيت محدودة النطاق، تعتمد على استغلال لحظات الغياب المؤسسي.
ومع ذلك، فإن أثرها كان عميقًا: إذ ساهمت في تقليص حجم المساعدات المتاحة للفئات الأكثر احتياجًا، وفي تقويض ثقة السكان المحليين بآليات الإغاثة الدولية.

التحقيق لا يقدم اتهامًا عامًا للمنظمات الإنسانية، بل يحذر من الثغرات التي قد تسمح، في لحظات الفوضى الكبرى، بتسلل الطمع بين الجائعين.
في غزة، حيث كل صندوق طحين قد يعني وجبة لأسرة كاملة، فإن أي انحراف – مهما بدا صغيرًا – يحمل وزن خيانة كاملة.