آخر الأخبار

باع كبار المستثمرين، بينهم مارك زوكربيرغ، ملايين الأسهم في وول ستريت قبيل انهيار حاد بفعل رسوم ترامب الجديدة.

باع كبار المستثمرين، بينهم مارك زوكربيرغ، ملايين الأسهم في وول ستريت قبيل انهيار حاد بفعل رسوم ترامب الجديدة.

في تطور لافت يعكس هشاشة المزاج الاستثماري في الأسواق الأميركية، شهدت الأيام الأخيرة تحركات مكثفة من كبار المستثمرين الذين سارعوا إلى بيع كميات ضخمة من الأسهم قبيل تعرض السوق لانتكاسة حادة، على خلفية تداعيات الرسوم الجديدة التي أعلنها الرئيس السابق دونالد ترامب. من بين أبرز هذه التحركات، برز قيام مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، ببيع نحو 1.1 مليون سهم من أسهم الشركة، وذلك قبيل هبوط قيمتها بنسبة 32% من ذروتها البالغة 736 دولارًا للسهم.

هذه الموجة من البيع المنسق من قبل كبار المستثمرين لا يمكن قراءتها بمعزل عن نظرية "اليد الخفية" لآدم سميث، والتي تشير إلى أن تحركات الأفراد بناءً على مصالحهم الخاصة غالبًا ما تقود إلى نتائج اقتصادية كبرى دون تخطيط مركزي. هنا، بدا واضحًا أن استشعار الخطر من قبل فئة محدودة قاد إلى تحرك جماعي غير معلن أدى إلى تسريع الانهيار قبل أن يشعر به المستثمرون الصغار، مما يعيد إلى الأذهان مفهوم "عدم تناسق المعلومات" الذي ناقشه جوزيف ستيغليتز، حيث تكون القرارات الكبرى بيد من يملكون المعلومات الأسرع والأدق، على حساب البقية.

انعكاسات هذه الموجة لا تقتصر فقط على خسائر رؤوس الأموال في السوق، بل تمتد لتكشف عن حجم القلق من التحولات السياسية غير المتوقعة. الرسوم التي ألمح ترامب إلى فرضها، وُضعت ضمن خطاب اقتصادي يُوحي بنزعة حمائية أوسع، مما أثار مخاوف من عودة سياسات قد تعرقل سلاسل الإمداد العالمية وتضغط على أرباح الشركات التكنولوجية الكبرى التي تعتمد على الانتشار العالمي.

كذلك، يبرز هذا المشهد كدليل حي على ما تصفه نظرية "الأسواق الكفؤة" بأنها ليست دومًا قادرة على استيعاب الأخبار بشكل لحظي وعادل. فبدلاً من التفاعل الهادئ والتدريجي، جاءت التحركات عشوائية وسريعة، ما أدى إلى ارتفاع مستوى التقلبات وزيادة التفاوت بين من استطاعوا اتخاذ قراراتهم مبكرًا ومن علقوا في موجة الهبوط.

في السياق الأوسع، من المتوقع أن تعيد هذه التطورات الجدل حول أخلاقيات البيع الداخلي وتضارب المصالح، خاصة مع الحديث المتزايد عن ضرورة مراقبة تحركات كبار التنفيذيين والمستثمرين بما يضمن عدالة الأسواق. وفي حال استمر التصعيد السياسي والاقتصادي، قد نشهد سلسلة أوسع من الانسحابات من الأسواق الأميركية نحو أدوات استثمارية أكثر أمانًا مثل الذهب أو السندات الحكومية، مما يعيد رسم خريطة الاستثمار العالمي خلال الأشهر المقبلة.

الأزمة الحالية تقدم نموذجًا آخر عن كيفية تفاعل الأسواق مع الأخبار السياسية بطريقة آنية ومضطربة، وترسم ملامح فترة قد تتسم بعدم الاستقرار والارتباك، وهو ما سيضع الحكومات والمؤسسات المالية أمام تحديات أكبر لإعادة بناء الثقة وإعادة ضبط الإيقاع الاستثماري على أسس أكثر رسوخًا.