تعيش تونس على وقع توتر متصاعد بعد قرار الاحتفاظ بقاضٍ سابق لمدة 48 ساعة، عقب تصريحات علنية اتهم فيها السلطة باستخدام القضاء كأداة سياسية. هذه الخطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والحقوقية، حيث اعتبرها كثيرون استهدافاً ممنهجاً لكل من يجرؤ على انتقاد المسار القضائي الحالي. ويأتي ذلك في وقت تتزايد فيه الأصوات التي تحذر من تآكل استقلالية القضاء في ظل ما تصفه منظمات حقوقية بـ"مناخ ترهيب سياسي".
في هذا السياق، جدّدت هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين موقفها الرافض لمجريات محاكمة ما بات يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، مؤكدة أن التهم الموجهة للموقوفين تحمل طابعاً سياسياً بامتياز. الهيئة شددت على أن الهدف الأساسي من هذه القضية هو تصفية الخصوم السياسيين وضرب المعارضة المنظمة، مشيرة إلى أن ما يحدث يعكس انحرافًا خطيرًا عن مقتضيات العدالة والنزاهة القضائية.
اللافت أن الأحكام الصادرة في هذه القضية وُصفت بـ"غير المسبوقة"، إذ فاقت في مجموعها ثمانية قرون، وهو ما اعتبرته هيئة الدفاع دليلاً إضافياً على الطابع الانتقامي للمحاكمة. الأرقام الضخمة في الأحكام لم تمر دون رد فعل شعبي، حيث بدأت تلوح في الأفق تحركات احتجاجية جديدة من منظمات المجتمع المدني ونقابات المحامين، في مؤشر على تصاعد الرفض الشعبي للمسار القضائي الحالي.
وسط هذا المشهد، تتزايد المخاوف من دخول البلاد في مرحلة أكثر تعقيداً، حيث يتقاطع فيها التوتر السياسي مع الانقسام القضائي، ما قد يُفضي إلى أزمة مؤسساتية أعمق. ومع استمرار السلطات في إنكار الطابع السياسي للمحاكمات، يُطرح السؤال حول مصير العدالة الانتقالية في تونس، ومستقبل الحقوق والحريات في بلد لا يزال يبحث عن توازن هش بين الأمن والديمقراطية.