ينتظر العالم مراسم جنازة البابا فرنسيس التي ستُقام صباح يوم السبت في الفاتيكان، حيث سيحضر العديد من القادة العالميين في مقدمتهم الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالإضافة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. كما سيحضر الأمير ويليام نيابة عن الملك البريطاني، مما يعكس الأثر العميق الذي تركه البابا فرنسيس على الساحة العالمية، ليس فقط كزعيم ديني، بل كرمز للإنسانية والسلام.
ويُتوقع أن تكون الجنازة حدثًا تاريخيًا بحضور شخصيات دولية بارزة، إذ لم تقتصر أهمية البابا فرنسيس على كونه قائدًا دينيًا فقط، بل امتد تأثيره إلى السياسة العالمية والقضايا الإنسانية. وبينما بدأ الفاتيكان في مشاركة صور للجثمان الموضوع في التابوت المفتوح، بدأت التفاصيل الخاصة بالترتيبات النهائية للجنازة تظهر تدريجيًا، مما يضيف طابعًا مهيبًا لهذا الحدث.
ومن المقرر أن يُنقل جسد البابا فرنسيس إلى كاتدرائية سانت بطرس يوم الأربعاء لبدء فترة الحداد العام التي ستمتد حتى موعد الجنازة. هذه الخطوة ستكون بمثابة فرصة للجماهير لوداع البابا شخصيًا قبل أن يُحمل إلى مكانه الأخير. ويجسد هذا التحرك في حد ذاته الرسالة التي كان البابا دائمًا ما يسعى لنقلها للعالم حول أهمية التواضع والشمولية.
تعكس هذه المناسبة أيضًا حالة من التأمل العالمي في إرث البابا فرنسيس، الذي كان يُعرف بتعاطفه الكبير مع القضايا الإنسانية. في مسقط رأسه في بوينس آيرس، يعبر السكان عن حزنهم الكبير على وفاته. يصف كثيرون البابا بأنه كان من أبرز الشخصيات التي تمثل التفاهم المتبادل والتعايش بين الأديان، حيث كان يُؤمن بأن الجميع يجب أن يعاملوا بعضهم البعض بكل احترام، بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية أو الدينية.
كان البابا فرنسيس قد لفت الأنظار بزياراته للعديد من البلدان التي عانت من الحروب والفقر. ففي إندونيسيا، على سبيل المثال، افتتح نفقًا يربط بين كاتدرائية جاكرتا ومسجد رئيسي، في خطوة اعتبرت رمزًا للتسامح بين الأديان. هذا النوع من التصرفات جعله يُنظر إليه باعتباره زعيمًا لا يقتصر دوره على الجانب الديني فقط، بل يشمل أيضًا الشأن الاجتماعي والإنساني.
إضافة إلى ذلك، كانت قضايا المهاجرين دائمًا في قلب اهتماماته. في تصريحات له، أشار إلى أهمية توفير الدعم للمهاجرين الذين يواجهون مخاطر الموت أثناء محاولاتهم الهروب من الحروب والفقر. هذا الوعي بالقضايا العالمية جعل البابا فرنسيس شخصية محورية في الحديث عن حقوق الإنسان، حيث دعا بشكل مستمر إلى ضرورة التضامن بين الأمم لمساعدة الفئات الأكثر ضعفًا.
كما تعكس المشاركة الواسعة للقادة العالميين في جنازة البابا فرنسيس الاهتمام الكبير الذي ناله طوال سنوات قيادته، بما في ذلك في العالم العربي واللاتيني. فالرئيس الأرجنتيني السابق، على سبيل المثال، عبّر عن فخره بأن يكون بلاده قد شهدت انتخاب أول بابا من أمريكا اللاتينية، مشيرًا إلى الأثر العميق الذي تركه في قلوب شعبه.
هذا التفاعل الواسع من قبل القادة والمواطنين حول العالم يعكس بدوره التحديات التي قد تواجه الكنيسة الكاثوليكية في مرحلة ما بعد البابا فرنسيس، خاصة في ظل التغيرات التي يشهدها العالم اليوم. سيحاول الكثيرون فهم كيفية استمرار الرسالة التي حملها البابا في رحلاته ومواقفه التي ربطت بين القيم الروحية والإنسانية.
وفي الوقت الذي يشهد فيه الفاتيكان حدادًا عالميًا على فقدان البابا فرنسيس، تظل الأسئلة المتعلقة بمستقبل الكنيسة الكاثوليكية قائمة، خاصةً مع التحديات التي يواجهها العالم في ظل الأزمات السياسية والإنسانية. ستكون هذه الجنازة، بكل تفاصيلها، لحظة فارقة في تاريخ الكنيسة، قد تُحدد اتجاهاتها في السنوات القادمة.
من خلال هذه المناسبة، يعبر العالم عن احترامه وتقديره لشخصية البابا فرنسيس التي امتدت تأثيراتها لتشمل جميع جوانب الحياة، من الديني إلى السياسي والإنساني.