تشير التصريحات الأخيرة المنقولة عن وزارة الخارجية الأميركية عبر شبكة "سي إن إن" إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تتعامل مع المفاوضات مع روسيا بحذر بالغ. فالمؤشرات حتى الآن، بحسب المتحدثين، لا تكفي للحكم على مدى جدية موسكو، ما يستدعي الانتظار لأسابيع قبل اتخاذ قرارات استراتيجية بشأن استمرار أو وقف المسار التفاوضي. ويبدو أن واشنطن باتت أكثر حزمًا في رفضها لأي عملية تفاوضية طويلة الأمد تفتقر إلى مضمون حقيقي.
تزامنًا مع ذلك، تتصاعد المخاوف من تفاقم الكارثة الإنسانية في أوكرانيا، حيث وصفت الخارجية الأميركية الوضع هناك بـ"المذبحة" التي يجب وقفها فورًا. في هذا السياق، أكدت واشنطن أن ما تحاول فعله حاليًا هو التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل، معتبرة أن استمرار القتل اليومي غير مقبول تحت أي ظرف. الرسالة كانت واضحة: لا مجال للاستمرار في مفاوضات شكلية بينما يسقط مزيد من الضحايا.
وفي خضم الجدل الدائر حول التصريحات العلنية، وجهت الخارجية الأميركية انتقادًا غير مباشر للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، مؤكدة أن رفض سيادة روسيا على الأراضي الأوكرانية، وإن كان موقفًا وطنيًا، ينبغي أن يُناقش في غرف المفاوضات لا عبر الإعلام. فالتصريحات، مهما كانت قوتها، لا تصنع اختراقًا سياسيًا ما لم تُترجم إلى اتفاقات عملية على الطاولة.
تأتي هذه التصريحات في لحظة دقيقة تحاول فيها الولايات المتحدة الحفاظ على زخم دبلوماسي وسط ضغوط داخلية وخارجية متزايدة. وبينما تصر كييف على مواقف مبدئية ترتبط بالسيادة والكرامة الوطنية، تبدو واشنطن مهتمة أكثر بما يمكن تحقيقه فعليًا، بعيدًا عن الشعارات. فالمعيار بالنسبة لها ليس ما يُقال، بل ما يُنجز، في ظل واقع ميداني لا يحتمل الانتظار طويلًا.