في ظل استمرار التوترات مع روسيا، عقدت قيادات حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي جولة جديدة من التصريحات التي تكشف بوضوح عن إعادة صياغة التوجهات الدفاعية والاستراتيجية للقارة الأوروبية. فقد أكد الأمين العام للناتو، عقب لقائه وزير الدفاع الأمريكي، أن النقاشات تركزت على كيفية جعل الحلف "أكثر عدلًا وقوة"، مشيرًا إلى أن أوروبا وكندا تسعيان لرفع إنفاقهما الدفاعي وتعزيز القدرة الإنتاجية، في خطوة تهدف إلى تقليل الاعتماد على واشنطن ومواكبة التحديات المتسارعة.
في المقابل، جاءت تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية حاملةً لنبرة اعتراف نادر، حين أشارت إلى أن القارة "فشلت طيلة عقود في الاعتراف بثمن اعتمادها على روسيا"، سواء في مجال الطاقة أو في ترك مساحات ابتزاز اقتصادي مفتوحة، معتبرة أن الكرملين استخدم سلاح الغاز والنفط كورقة ضغط لإضعاف الدعم الأوروبي لأوكرانيا، دون أن ينجح في تحقيق أهدافه.
المواقف المتزامنة تؤكد أن الحرب الروسية الأوكرانية كانت نقطة تحول دفعت الغرب لمراجعة مواقفه، ليس فقط تجاه موسكو، بل أيضًا تجاه بنية الأمن الأوروبي برمتها. ويبدو أن المسار الجديد يتجه نحو تحصين أوروبا عسكريًا واقتصاديًا، وتعزيز أذرع الردع داخل الحلف بعيدًا عن الحسابات السابقة التي قامت على تبعية متبادلة ثبتت هشاشتها في لحظات الأزمات الكبرى.