في أول مئة يوم من ولايته، واجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب انخفاضًا غير مسبوق في شعبيته، حيث كشف استطلاع أجرته شبكة "سي إن إن" أن نسبة تأييده بلغت 41% فقط، ما يجعله صاحب أدنى نسبة دعم شعبي لرئيس أميركي في مثل هذه المرحلة منذ عهد دوايت آيزنهاور. ويمثل هذا التراجع انخفاضًا بمقدار 4 نقاط مقارنة بشهر مارس/آذار الماضي، وبـ7 نقاط عن شهر فبراير/شباط، مما يعكس بداية مضطربة للرئيس الخامس والأربعين.
أكثر من نصف الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع عبّروا عن عدم رضاهم، إذ قال 45% إنهم يعارضونه بشدة، بينما 22% فقط أعربوا عن تأييدهم له بشكل قوي. هذه الانقسامات السياسية ظهرت بوضوح في نتائج الاستطلاع، حيث عبر 86% من الجمهوريين عن دعمهم لترامب، بينما عارضه 93% من الديمقراطيين، وهو ما يشير إلى استقطاب حزبي عميق يزيد من صعوبة مهمته في توحيد الأميركيين.
حتى بين المستقلين، الذين يشكلون شريحة مهمة في السياسة الأميركية، لم يحقق ترامب نتائج إيجابية، إذ لم تتجاوز نسبة التأييد في صفوفهم 31%. ويعد هذا تحديًا كبيرًا لأي رئيس يسعى إلى توسيع قاعدة تأييده خارج دائرته الحزبية التقليدية. ولم تنجح وعود ترامب خلال حملته الانتخابية في كسب هذه الفئة، التي يبدو أنها بدأت تشعر بالخذلان أو القلق.
الاستطلاع أشار أيضًا إلى تراجع كبير في ثقة الجمهور بأداء ترامب على صعيد القضايا الاقتصادية، التي لطالما اعتبرها من أبرز أولوياته. فقد ساهمت خطة التعريفات الجمركية التي أطلقها في إرباك الأسواق، وأثارت مخاوف واسعة من موجات تضخم مستقبلية وزيادة في الأسعار، ما دفع بشريحة من الناخبين إلى إعادة النظر في وعود الرئيس الاقتصادية.
إحدى المشاركات في الاستطلاع، وهي سيدة تبلغ من العمر 55 عامًا من ولاية فرجينيا وتعرّف نفسها كمستقلة، أعربت عن خيبة أملها قائلة إنها لم تصوت له لكنها كانت مستعدة لمنحه فرصة، لكنها باتت تشعر بالإحباط المتزايد، لا سيما بعد ما وصفته بأداء ضعيف في المجال الاقتصادي الذي وعد بتحسينه. شهادات كهذه تكشف حجم الفجوة بين التوقعات التي رافقت تنصيبه والواقع الذي يعيشه المواطن الأميركي اليوم.
من جهته، لم ينجح ترامب حتى الآن في كسب ثقة الرأي العام في غالبية الملفات التي تصدر أجندته السياسية خلال المئة يوم الأولى، ما يعكس صعوبة التحديات الداخلية التي يواجهها، ويضعه في موقف دفاعي حاد أمام خصومه السياسيين والإعلاميين على حد سواء. فبغض النظر عن تصريحاته المتفائلة، الأرقام تعكس واقعًا أكثر تعقيدًا مما يحاول تسويقه.
أداء ترامب في المئة يوم الأولى، وهي محطة رمزية تقليدية لتقييم الرؤساء الأميركيين، يمكن اعتباره مؤشرًا مقلقًا بشأن قدرته على الحفاظ على دعم سياسي مستدام خلال السنوات القادمة. فتراجع التأييد الشعبي في هذه المرحلة المبكرة يعقّد مهمته في تمرير تشريعات كبرى ويزيد من التوترات داخل الكونغرس، حتى مع الأغلبية الجمهورية.
في ظل هذه المعطيات، يجد ترامب نفسه في مواجهة ضغط داخلي متصاعد لإثبات جدارته بالمنصب، بينما تتكثف الانتقادات من مختلف الأطراف بسبب غياب إنجازات واضحة أو تحسينات ملموسة في حياة المواطن الأميركي. فكلما مضى الوقت دون تحقيق وعود كبرى، تزداد احتمالات انكماش قاعدته السياسية، حتى داخل حزبه.
هذا التراجع في التأييد لا يعكس فقط ضعف السياسات التي تبناها الرئيس، بل يشير إلى تحوّل أعمق في المزاج الأميركي، حيث أصبحت المئة يوم الأولى بمثابة اختبار حاسم للثقة، يبدو أن ترامب لم يجتز جزءًا كبيرًا منه، ما يجعله يواجه مرحلة رئاسية محفوفة بالمخاطر والشكوك منذ بدايتها.