فمع توقعات بأن يصل استهلاكها من النفط إلى 16 مليون برميل يومياً هذا العام قبل أن ينخفض إلى أقل من 5 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2060، لا يعني ذلك تراجع نفوذها، بل على العكس، يؤكد انتقالها إلى موقع أكثر تأثيراً في مستقبل الطاقة.
أنفقت الصين وحدها نحو 940 مليار دولار على مشروعات الطاقة النظيفة، وهو رقم يعادل إجمالي استثمارات الولايات المتحدة وكندا وأوروبا والهند مجتمعة. هذا التوجه يترجم نفسه على أرض الواقع من خلال الطفرة الهائلة في مشاريع طاقة الرياح والطاقة
الشمسية داخل البلاد، حيث تمتلك الصين ما يعادل ضعف إجمالي عدد المشاريع في بقية دول العالم مجتمعة.
كما تهيمن الصين على إنتاج السيارات الكهربائية، حيث تصنع 58 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي، وتملك أيضاً مفاتيح التحكم في المعادن الأساسية التي تدخل في صناعة بطاريات هذه السيارات حيث تستحوذ على 60 بالمئة من سوق المعادن الضرورية، مما يمنحها سيطرة على أحد أهم مكونات التحول نحو الطاقة المستدامة.
يؤكد محلل أسواق النفط والطاقة لدى شركة Argus بشار الحلبي، خلال حديثه لبرنامج بزنس مع لبنى على سكاي نيوز عربية أن "الصين لم تعد مجرد مصنع للعالم، بل أصبحت قوة اقتصادية وجيوسياسية قادرة على فرض شروطها، مشيراً إلى أن هذه الهيمنة ليست وليدة اللحظة بل نتاج استثمارات استراتيجية ضخمة خلال العقدين الماضيين.
بعيداً عن السيارات الكهربائية، تسيطر الصين على أكثر من 80 بالمئة من عمليات تصنيع ألواح الطاقة الشمسية في العالم، وهو ما يعزز من موقعها كمزود أساسي لمصادر الطاقة المتجددة، بينما تكافح الدول الغربية للحاق بها في هذا المضمار.
وفي هذا السياق، يرى بشار الحلبي أن "اللاعبين التقليديين في قطاع الطاقة، مثل الولايات المتحدة وأوروبا يواجهون صعوبة في مواكبة سرعة الصين في التحول نحو الطاقة النظيفة، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية والاعتبارات السياسية الداخلية التي تعيق تسريع هذه العملية".
رغم أن الولايات المتحدة لا تزال أكبر مستهلك للطاقة عالمياً، إلا أن دورها كمتحكم رئيسي في أسواق النفط والغاز بات مهدداً بسبب تزايد النفوذ الصيني. ويوضح الحلبي أن أوروبا والولايات المتحدة كانتا تتجهان نحو التحول إلى الطاقة النظيفة بشكل متسارع. لكن ارتفاع الأسعار والتحديات الاقتصادية أدت إلى تباطؤ هذا المسار".