كشفت تقارير إعلامية أن إسرائيل تدرس خيار تنفيذ هجوم «محدود» على منشآت إيران النووية، في ظل تصاعد القلق من تقدم البرنامج النووي لطهران. الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، الذي التقى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرًا، أكد أن الولايات المتحدة غير مستعدة حاليًا لدعم أي تحرك عسكري من هذا النوع، مما يعقد الحسابات الإسرائيلية ويثير تساؤلات حول السيناريوهات القادمة في الشرق الأوسط.
تأتي هذه الأنباء في لحظة شديدة الحساسية، إذ تواجه إسرائيل وإيران تصاعدًا في التوترات الإقليمية، وسط تعثر الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي. التحركات الإسرائيلية تعكس قلقًا استراتيجيًا من اقتراب إيران من العتبة النووية، مما قد يغير ميزان القوى الإقليمي بصورة جذرية.
استنادًا إلى نظرية الردع النووي (Deterrence Theory)، تخشى إسرائيل من أن امتلاك إيران لقدرة نووية -حتى وإن لم تطور سلاحًا فعليًا- سيقيد هامش حركتها الاستراتيجية. ومن منظور نظرية الحروب الوقائية (Preventive War Theory)، فإن توجيه ضربة استباقية لمنشآت نووية قد يُعتبر خيارًا مطروحًا لمنع تهديد مستقبلي أكثر خطورة.
في المقابل، يظهر تحفظ واشنطن، خاصة في عهد الإدارات الديمقراطية والجمهورية على السواء، وفق نظرية التوازن الدولي (Balance of Power Theory)، إذ تسعى الولايات المتحدة إلى تجنب الانجرار إلى نزاعات كبرى قد تخل بتوازنات المنطقة، خصوصًا مع أولويات استراتيجية حالية متركزة في مواجهة روسيا والصين.
لطالما اعتمدت إسرائيل على سياسة الغموض النووي والردع الاستباقي. ففي عام 1981، شنت غارة جوية على مفاعل "أوزيراك" العراقي فيما عرف بعملية "أوبرا"، وتكرر السيناريو عام 2007 مع استهداف مفاعل سوري مشتبه به. وفي الحالتين، تصرفت إسرائيل دون انتظار دعم أمريكي مباشر، لكنها كانت تستفيد من غطاء دبلوماسي غربي لاحق.
اليوم، تبدو الحسابات أكثر تعقيدًا؛ إيران تمتلك شبكة واسعة من المنشآت المحصنة تحت الأرض، ما يزيد من صعوبة الضربة الجوية التقليدية ويزيد من مخاطر التصعيد الإقليمي الشامل.
-
الضربة المحدودة: إسرائيل قد تختار عمليات محددة تستهدف منشآت بعينها، مع تجنب التصعيد المباشر، مع الاعتماد على الضغوط السياسية لضمان ضبط رد الفعل الإيراني.
-
التصعيد الشامل: فشل العملية أو الرد الإيراني القوي قد يؤدي إلى اندلاع مواجهة عسكرية واسعة تشمل حزب الله في لبنان وربما جبهات أخرى.
-
الضغط الدبلوماسي: تحفظ الولايات المتحدة قد يدفع إسرائيل إلى تأجيل العملية، مع تصعيد الضغط عبر القنوات الدبلوماسية والسرية على طهران.
-
التعاون الإقليمي: قد تنسق إسرائيل مع أطراف إقليمية أخرى قلقة من البرنامج النووي الإيراني، مثل بعض دول الخليج، لدعم موقفها سياسياً وربما لوجستياً.
القرار الإسرائيلي، سواء بتنفيذ ضربة أو التراجع عنها، سيكون رهين موازنة دقيقة بين المخاطر الآنية والتهديدات المستقبلية. بينما تبقى عيون العالم شاخصة إلى الشرق الأوسط، حيث قد تحدد الأيام القادمة ملامح مرحلة جديدة من الصراع الإقليمي المعقد.