بينما يغرق العالم في أزمات متشابكة، برز اسم جديد من قلب الدائرة المقربة من دونالد ترمب: ويتكوف، رجل الأعمال الذي لم يعرف السياسة يومًا، يتحرك الآن بطموح غير مسبوق لإنهاء حربين دمويتين، والتفاوض مع خصوم واشنطن التاريخيين. مساعٍ جريئة تثير الإعجاب والشكوك في آنٍ معًا، خاصة وهو يتحرك بحرية تامة داخل البيت الأبيض دون أن يتقاضى راتبًا أو يخضع للبيروقراطية التقليدية.
ويتكوف، صديق ترمب القديم وشريكه في مجال العقارات، يشق طريقه في عالم السياسة الدولية بجرأة لافتة. رغم افتقاره للخبرة السياسية التقليدية، يسعى الرجل للتوسط في ملفات معقدة: إنهاء الحرب بين إسرائيل وغزة، التوسط في النزاع الأوكراني، وفتح قنوات خلفية مع إيران.
حركته تأتي في وقت حساس، إذ تسعى العديد من القوى الدولية لتثبيت أوضاع مضطربة أو إدارة نزاعات طويلة الأمد، وسط فراغ نسبي في الدور الأمريكي الرسمي.
يمكن فهم ظاهرة ويتكوف من خلال نظرية القيادة الكاريزمية (Charismatic Leadership Theory)، حيث تعتمد بعض القيادات على شخصيات غير تقليدية تملك قدرة على التأثير الشخصي بدلاً من الخبرة المؤسسية التقليدية. كذلك يُمكن إسقاط نظرية رجل الفرصة (Opportunistic Actor Theory) التي تفسر كيف يقتحم لاعبون غير تقليديين فراغات السلطة أو يلتقطون لحظات الفرص السياسية لصنع نفوذ.
من جهة أخرى، تثير تحركات ويتكوف تساؤلات حول مبدأ الفصل بين المال والسياسة (Separation of Business and Politics)، خصوصًا وأن خلفيته التجارية تضعه موضع تشكيك حول دوافعه الحقيقية.
ويتكوف ليس أول شخصية تجارية تحاول لعب أدوار سياسية كبرى تحت جناح رئيس أمريكي؛ التاريخ الأمريكي حافل برجال أعمال دخلوا الحلبة السياسية بطرق غير تقليدية. ترمب نفسه، القادم من عالم العقارات، جسد هذه الظاهرة بشكلها الأبرز.
لكن الفرق هنا أن ويتكوف لا يشغل منصبًا رسميًا، مما يجعله يتحرك في "منطقة رمادية" بين العمل الدبلوماسي التقليدي والمبادرات الشخصية المدفوعة بالعلاقات.
-
في غزة: يقال إن ويتكوف يعمل على وضع إطار لوقف إطلاق نار طويل الأمد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، بالتنسيق مع أطراف إقليمية.
-
في أوكرانيا: يحاول نسج مبادرات خلف الكواليس لفتح قنوات تفاوض بين كييف وموسكو، رغم الشكوك الأوروبية في نجاح هذه التحركات.
-
مع إيران: يتواصل عبر قنوات خلفية لمحاولة تهدئة التصعيد النووي، وهو مسار محفوف بالعقبات الشائكة.
-
النجاح الجزئي: قد يحقق ويتكوف اختراقات رمزية، تعزز من صورة ترمب كرجل صفقات حتى خارج الحكم الرسمي.
-
الفشل الذريع: إن فشل ويتكوف، خصوصًا في ظل غياب الدعم المؤسسي، قد ينعكس سلبًا على مصداقية ترمب ومحيطه السياسي.
-
تعزيز دور اللاعبين غير الرسميين: نجاحه النسبي قد يفتح الباب أمام المزيد من الشخصيات غير التقليدية للعب أدوار في السياسات الدولية المعقدة.
ويتكوف يمثّل تجسيدًا حقيقيًا لتحول السياسة المعاصرة إلى ملعب مفتوح لغير المتخصصين، حيث تصبح العلاقات الشخصية والكاريزما أحيانًا أهم من الخبرة الرسمية. وبينما يرى البعض فيه "صانع سلام محتمل"، لا تزال الشكوك تطارده حول قدرته على إدارة أزمات معقدة بحجم النزاعين الفلسطيني والإيراني.