يواصل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو التمسك بخيار القوة العسكرية في التعامل مع قطاع غزة، ضاربًا بعرض الحائط جميع المبادرات الإقليمية والدولية المطروحة للتهدئة. خطابه الأخير لم يحمل سوى تأكيد على استمرار سياسة التجويع وحملات الإبادة بحق المدنيين، ما يعكس رفضًا صريحًا لأي وقف للعدوان. هذه الاستراتيجية التي يتبعها تُظهر رهانًا واضحًا على الحسم بالقوة، دون أي اعتبار لتبعات الكارثة الإنسانية المتفاقمة.
الخطاب الذي وصفته حركة الجهاد الإسلامي بأنه "اعتراف صريح بعدم الرغبة في إنهاء القتل"، يبرهن أن حكومة الاحتلال تسعى لإفشال كل مفاوضات سياسية. بل يبدو أن نتنياهو يوظف استمرار العدوان كوسيلة للبقاء السياسي، مستندًا إلى حالة الطوارئ والتعبئة العامة التي تسمح له بإسكات المعارضة الداخلية. في الوقت ذاته، يدرك أن أي تهدئة ستكشف عجزه عن تحقيق أهدافه المعلنة منذ بداية الحرب.
المقاومة الفلسطينية من جانبها ترى في هذا التصعيد دليلًا على صحة خياراتها، إذ تؤكد أن الاحتلال لا يملك سوى خيار الدم والدمار، ويخشى من التهدئة التي قد تعني بداية نهايته السياسية. كما تشير إلى أن التعطيل المتعمد لجهود الوسطاء هدفه كسب مزيد من الوقت لتعميق العدوان وتغيير الوقائع ميدانيًا. غير أن هذا المسار يُهدد بانفجار الأوضاع على أكثر من جبهة في ظل غضب شعبي واسع في الإقليم.
على الصعيد الدولي، بدأت الأصوات تتصاعد من جهات أممية ومؤسسات حقوقية تنتقد بوضوح المواقف الغربية المتواطئة أو الصامتة تجاه ما يجري في غزة. وتعتبر مقررة الأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي أن ما يجري ليس حربًا بل "إبادة جماعية"، متهمة الدول الغربية بازدواجية المعايير والسكوت عن جرائم واضحة. في ضوء ذلك، تتزايد الضغوط على الاحتلال، لكن من دون إرادة دولية حقيقية لإلزامه بالتوقف، يبقى مصير التهدئة رهينًا بحسابات نتنياهو الداخلية.