"التنسيق الأمني... خيط ينسج تآكل السلطة وصعود قوى بديلة

  • المجموعات الأخرى : تحليلات ودراسات, تقارير حصرية, الأخبار العاجلة
"التنسيق الأمني... خيط ينسج تآكل السلطة وصعود قوى بديلة

تتناول هذه الورقة التحليلية تأثير التنسيق الأمني العميق على تآكل شرعية السلطة الفلسطينية، وكيف ساهمت هذه الظاهرة في تعزيز سيطرة الاحتلال الإسرائيلي وإعادة تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي الفلسطيني وفق رؤية إسرائيلية ممنهجة. تستعرض الورقة كيف تحول التنسيق الأمني من مجرد إجراء مرحلي إلى منظومة ضبط دائمة تُستخدم لإدارة الفلسطينيين أمنيًا، مما أدى إلى إضعاف السلطة الفلسطينية تدريجيًا حتى باتت غير قادرة على اتخاذ قرارات سيادية مستقلة.

تسلط الورقة الضوء على استراتيجية إسرائيل بقيادة بتسلئيل سموتريتش، التي تقوم على إضعاف السلطة الفلسطينية ماليًا وسياسيًا، وتحويلها إلى كيان عاجز عن تقديم الخدمات الأساسية، مما يفتح المجال أمام صعود قوى بديلة، مثل رجال الأعمال والزعامات المحلية، الذين يتم تمكينهم من خلال قنوات اقتصادية مباشرة مع الاحتلال. وتوضح الورقة كيف أصبح التنسيق الأمني يشمل شبكات فردية غير رسمية، مما أدى إلى فقدان السلطة الفلسطينية قدرتها على ضبط الأوضاع الداخلية، وتصاعد نفوذ جهات غير رسمية مدعومة من الاحتلال.

كما تناقش الورقة التأثيرات الاقتصادية لهذه السياسات، حيث تعتمد السلطة بشكل شبه كامل على أموال المقاصة التي تتحكم بها إسرائيل، مما يجعلها غير قادرة على تبني سياسات مالية مستقلة. وفي الوقت نفسه، تعزز إسرائيل نفوذ رجال الأعمال الفلسطينيين المرتبطين بها، مما يخلق اقتصاد ظل يعمل خارج سيطرة السلطة، ويدفع الفلسطينيين نحو التعامل المباشر مع الاحتلال للحصول على امتيازات اقتصادية.

تستنتج الورقة أن الاحتلال يعمل على إضعاف السلطة الفلسطينية دون الحاجة إلى مواجهتها بشكل مباشر، بل عبر استبدالها تدريجيًا بزعامات محلية واقتصادية، مما يؤدي إلى تفكيك مركزية القرار الفلسطيني. في ظل هذا الواقع، تتحول السلطة إلى كيان هامشي غير قادر على التأثير، بينما يصبح التعامل المباشر مع الاحتلال هو النمط السائد في إدارة الشؤون اليومية للفلسطينيين.

تشير الورقة إلى أن السيناريو المستقبلي المتوقع يتمثل في انهيار تدريجي للسلطة الفلسطينية دون إعلان رسمي، حيث يتم تقويض دورها بالكامل لصالح نموذج إداري يخضع لإسرائيل، مما يجعل إقامة دولة فلسطينية مستقلة أمرًا أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. وبينما تفقد السلطة شرعيتها وأدواتها السياسية والاقتصادية، يصبح الفلسطينيون أفرادًا معزولين في إطار إداري إسرائيلي، بعيدًا عن أي مشروع وطني موحد، وهو ما يعزز من استراتيجية الاحتلال في التحكم طويل الأمد بالمشهد الفلسطيني دون الحاجة إلى تقديم حلول سياسية