ارتفع الطلب على الطاقة الشمسية في نيجيريا، التي تعاني من نقص حاد في الكهرباء، بشكل كبير خلال العقد الأخير، مدفوعًا بتدهور موثوقية الشبكة الوطنية وارتفاع أسعار الوقود. هذا التوجه جذب اهتمام المستثمرين نحو شركة "أرنرجي" (Arnergy)، وهي شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا النظيفة تلبي هذا الطلب. وقد جمعت الشركة مؤخرًا 15 مليون دولار ضمن جولة تمويل من الفئة B (بالإضافة إلى 3 ملايين دولار من جولة فرعية B1 العام الماضي)، ليصل إجمالي تمويل الجولة إلى 18 مليون دولار.
يرتبط هذا الارتفاع في الطلب على أنظمة الطاقة الشمسية بتغيرات كبيرة في السياسات الحكومية، أبرزها إلغاء الدعم الحكومي على الوقود في مايو 2023، وهو قرار ظل محل جدل طويل وأنهى عقودًا من تغطية الدولة للفجوة بين أسعار الوقود العالمية والمحلية.
ومنذ ذلك الحين، ارتفعت أسعار البنزين بنحو 500%، مما جعل تشغيل المولدات الكهربائية، التي كانت تُعتبر سابقًا بديلاً ميسور التكلفة رغم أضرارها البيئية، أكثر تكلفة من الطاقة الشمسية.
وقال المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "أرنرجي"، فيمي أدييمو، في مقابلة مع موقع "تك كرانش": "عندما بدأنا أعمالنا، كنا نُسوق للطاقة الشمسية كوسيلة للحصول على كهرباء دون انقطاع، ولم تكن جزءًا من حسابات التوفير. أما الآن، فقد تغير الوضع كليًا، لأن بإمكاننا إظهار مقدار التوفير الشهري للعملاء سواء كانوا يستخدمون البنزين، الديزل أو حتى شبكة الكهرباء".
أسس أدييمو الشركة عام 2013 لتوفير أنظمة طاقة شمسية للمنازل والشركات في قطاعات متعددة مثل الضيافة، التعليم، المالية، الزراعة، والرعاية الصحية.
ما بدأ كحل لتعزيز الاستمرارية تحول اليوم إلى استراتيجية لتوفير التكاليف، وهو ما غير المعادلة الاقتصادية لتبني هذه التكنولوجيا النظيفة، خاصة مع الدعم الذي تحظى به من "Breakthrough Energy Ventures"، صندوق الاستثمار الذي يدعمه بيل غيتس، والذي قاد جولة تمويل الفئة A بقيمة 9 ملايين دولار عام 2019.
تجلّى هذا التحول في منتج الشركة الرئيسي "Z Lite"، القائم على مبدأ الإيجار المنتهي بالتملك، والذي أصبح محور التركيز منذ الجولة التمويلية الأخيرة.
فبينما شكّلت المشتريات الفورية ما بين 60% إلى 70% من الإيرادات في عام 2023، انخفضت هذه النسبة إلى 25% فقط، في حين زادت شعبية خيار الإيجار المنتهي بالتملك، حيث يدفع العملاء رسومًا شهرية ثابتة لمدة 5 إلى 10 سنوات ليصبحوا مالكين للنظام.
ويُعزى هذا التغير إلى الفجوة الكبيرة بين تكلفة الإيجار وتكلفة الكهرباء التقليدية. فبعد إلغاء الدعم الحكومي على الوقود ورفع تعرفة الكهرباء – خصوصًا بعد سياسة حكومية جديدة في أبريل الماضي ضاعفت تكلفة الاستهلاك ثلاث مرات للزبائن الذين يتلقون طاقة مستقرة – أصبح نظام الإيجار المنتهي بالتملك خيارًا اقتصاديًا مغريًا.
قال أدييمو: "تخيل أنك تدفع ₦200,000 (حوالي 125 دولارًا) شهريًا مقابل الكهرباء، ومع منتجنا هذا الرقم ينخفض إلى ₦96,000 (حوالي 60 دولارًا). خلال خمس سنوات، يكون الفرق واضحًا من حيث التوفير". وأضاف أن العديد من العملاء الحاليين عادوا لتوسيع أنظمتهم أو للانتقال كليًا إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية فقط.
وقد زادت قاعدة العملاء الذين يستخدمون نظام الإيجار المنتهي بالتملك إلى ثلاثة أضعاف بين عامي 2023 و2024، وتتوقع الشركة نموًا يتراوح بين 4 إلى 5 أضعاف خلال هذا العام. ونتيجة لذلك، ارتفعت إيراداتها بالعملة المحلية بشكل كبير، ومن المتوقع أن تتضاعف أربع مرات بحلول نهاية العام.
أما الإيرادات بالدولار، فقد ظلت مستقرة بسبب انخفاض قيمة العملة المحلية، لكن أدييمو أشار إلى أن الشركة تعمل على بناء إيرادات بالعملة الأجنبية من خلال شراكات B2B2C مُقوّمة بالدولار، إلى جانب نيتها التوسع
التوسّع وسط سياسة حكومية جديدة
حتى الآن، نشرت شركة "أرنرجي" أكثر من 1800 نظام طاقة شمسية في 35 ولاية نيجيرية، بإجمالي قدرة إنتاجية تبلغ 9 ميغاواط (MWp) من الطاقة الشمسية، و23 ميغاواط/ساعة (MWh) من سعة تخزين البطاريات.
وتخطط "أرنرجي" لاستخدام التمويل الجديد، بقيادة شركة الأسهم الخاصة النيجيرية CardinalStone Capital Advisers (CCA)، لتركيب أكثر من 12,000 نظام طاقة شمسية بحلول عام 2029. وقد شارك في الجولة التمويلية كل من Breakthrough Energy Ventures، والاستثمار الدولي البريطاني British International Investment، وصندوق Norfund النرويجي، وEDFI MC، ومبادرة All On.
لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب تحولاً استراتيجياً. فعلى مدار عقد تقريباً، كانت "أرنرجي" تعتمد على فريق مبيعات داخلي. أما الآن، فبدأت في تبنّي نموذج يعتمد على الشراكات مع عملاء من قطاع الأعمال ونقاط بيع فعلية خارج لاغوس لتوسيع قاعدة عملائها في السوق النيجيرية التي تعاني من نقص حاد في الطاقة.
وتجري الشركة، ومقرها في لاغوس، محادثات للحصول على ديون محلية إضافية من البنوك والمؤسسات المالية التنموية (DFIs) لدعم مشروعاتها، بما في ذلك حلول "الطاقة كخدمة" (EaaS) للشركات متعددة الجنسيات، بحسب ما أفاد الرئيس التنفيذي فِمي أدييمو.
ومع استعداد "أرنرجي" للتوسّع، ظهرت سياسة مقترحة تهدد بإبطاء زخم النمو. فقد أعلنت الحكومة النيجيرية الشهر الماضي عن نيتها حظر استيراد الألواح الشمسية لدعم التصنيع المحلي، وهو ما أثار انتقادات من المعنيين الذين يرون أن الطاقة الإنتاجية المحلية لا تزال غير كافية.
ورغم اتفاق أدييمو مع الهدف، إلا أنه عبّر عن تحفظه على الأسلوب. وأوضح أن فرض الحظر قبل أوانه قد يعرقل قطاعاً لا يزال في بداياته.
وشدد أدييمو على أن نيجيريا بحاجة إلى توفير بنية تحتية مناسبة، واستقرار تشريعي، وتسهيل الوصول إلى رأس المال، لتمكين المصانع المحلية من تعزيز قدراتها خلال 3 إلى 5 سنوات مقبلة، قبل التفكير في إيقاف الاستيراد.
وأضاف: "نحن من مؤيدي التصنيع المحلي، لكن يجب أولاً بناء القدرات قبل إغلاق الباب أمام الواردات. وإلا فإننا نُخاطر بإلحاق ضرر أكبر بالقطاع وبملايين النيجيريين الذين يعتمدون حالياً على الطاقة الشمسية كمصدر رئيسي للكهرباء."
في أسواق إفريقيا الناطقة بالفرنسية.