أعلنت شركة "كولوسال بيوسسينسز" الناشئة المتخصصة في "إحياء الأنواع المنقرضة" يوم الإثنين عن أحدث إنجازاتها الطموحة: الذئب الرهيب (Dire Wolf) — وهو نوع انقرض منذ أكثر من 12 ألف عام واشتهر عبر مسلسل "Game of Thrones" الشهير.
تعيش هذه الحيوانات البيضاء المكسوة بالفرو في محمية تمتد على مساحة 2000 فدان في مكان سري للغاية في شمال الولايات المتحدة. وقد نُقل الصحفيون إلى موقع بديل لرؤية الذئاب مباشرة، في وقت أصبح من الصعب الوثوق بالصور الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي.
وتمكن الصحفيون من مشاهدة ذئبين ذكرين بعمر ستة أشهر يُدعيان "رومولوس" و"ريمس"، وكل منهما يزن حوالي 80 رطلاً، ويبدوان ككلاب برية ضخمة ذات جماجم كبيرة وخطوم طويلة. كما تضمنت المجموعة أنثى صغيرة تُدعى "خليسي"، تبلغ من العمر شهرين.
كيف تم "إحياء" الذئب الرهيب؟
استندت الشركة في تطويرها إلى حمض نووي قديم تم استخراجه من سن عمرها 13 ألف عام وجمجمة تعود لـ72 ألف عام. بعد مقارنة الحمض النووي بالذئب الرمادي، تبين أن التشابه الوراثي بين النوعين يبلغ 99.5%. استخدمت الشركة تقنية CRISPR لتعديل 20 جينًا في خلايا الذئب الرمادي، وهي الجينات المسؤولة عن السمات الخارجية للذئب الرهيب. ثم تم إنشاء أجنة من هذه الخلايا، وزُرعت في كلبة منزلية أنجبت الجراء لاحقًا.
ورغم إعلان الشركة أنها أعادت إحياء نوع منقرض لأول مرة، فإن العديد من العلماء أعربوا عن شكوكهم.
هل هو إحياء حقيقي أم نسخة معدلة وراثيًا؟
يرى بعض الخبراء، مثل ديفيد غولد من جامعة كاليفورنيا، أن ما تم ليس "إحياءً" حقيقيًا، بل "هجين" بين الذئب الرمادي والرهيب. كما أشار ألكسندر يونغ من جامعة UCLA إلى أن التعديلات اقتصرت على 20 تعديلًا في 14 جينًا فقط، مما يجعلها أقرب لمحاكاة ظاهريّة من كونها نسخة أصيلة.
وأشار البروفيسور جورج تشيرش، المؤسس المشارك في "كولوسال" من جامعتي هارفارد وMIT، إلى أن 0.3% فقط من جينات الذئب الرمادي تم تعديلها، في حين أن نسبة 0.2% المتبقية تُركت دون تغيير خشية التسبب في الصمم أو العمى لدى الحيوان.
لماذا الذئب الرهيب؟
جاءت فكرة "إحياء" هذا النوع بالمصادفة، بحسب الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي بن لام، خاصة بعد تلقي الشركة تمويلاً إضافيًا. اكتشف الفريق أن هناك أقل من 12 ذئبًا أحمرًا فقط لا يزالون يعيشون في ولاية نورث كارولاينا، ما جعل المشروع يكتسب طابعًا إنسانيًا وبيئيًا.
كما لقي المشروع دعمًا من مجتمعات السكان الأصليين في داكوتا الشمالية، التي ترى في الذئاب رمزًا مقدسًا. وتم تعزيز الجانب الثقافي بمشاركة الكاتب جورج آر. آر. مارتن، مؤلف "Game of Thrones"، كمستشار للشركة.
كيف سيتم استخدام هذه التقنية مستقبلًا؟
استخدمت "كولوسال" التقنية نفسها لصناعة أربعة ذئاب حمراء مستنسخة، وتأمل الشركة في إعادة توطينها في البرية للحفاظ على التنوع البيولوجي.
أما الذئاب الرهيبة، فسيتم تربية نحو خمسة منها لتكوين قطيع، مع دراسة إمكانية إعادة توطينها في أراضٍ يملكها السكان الأصليون.
هل المشروع مربح؟
رغم تقييم الشركة بـ10.2 مليار دولار، لا تزال هناك تساؤلات عن جدوى هذا الاستثمار. إلا أن "كولوسال" وضعت خططًا واعدة، منها:
-
إطلاق شركات فرعية، بينها واحدة لتطوير الرحم الاصطناعي.
-
إمكانية بيع التكنولوجيا للحكومات لحماية الأنواع المهددة.
-
بيع "اعتمادات التنوع البيولوجي" مثل سوق الكربون.
بينما لا يزال هناك جدل علمي وأخلاقي حول مدى دقة وصف هذه الذئاب بـ"المنبعثة"، تظل "كولوسال" تمثل ثورة في علوم الحياة الحديثة، وتفتح بابًا جديدًا لعلاقة الإنسان بالطبيعة والأنواع المنقرضة.